في كل صيف، يعاني الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة من نقص المياه نتيجة للسياسة الإسرائيلية الرسمية.
لكن من المتوقع أن تتفاقم الأمور هذا العام نتيجة القرار الإسرائيلي بتخفيض نسبة المياه المتاحة للفلسطينيين بشكل أكبر.
وقررت إسرائيل خلال الأسابيع القليلة الماضية تقليص كمية المياه المخصصة لمدينتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية بنحو 35 بالمئة، مع زيادة حصة المستوطنين من موارد المياه.
وأبلغت شركة المياه الإسرائيلية ميكوروت، التي تتحكم في كمية الموارد التي تصل إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية، بلدية الخليل رسميًا بالنص الجديد.
وزاد القرار من حالة القلق لدى سكان المدينتين.
كابوس الصيف في الضفة الغربية
وبالنسبة لمحمد التلاهمة، من سكان مدينة دورا جنوب الخليل، فإن فصل الصيف يمثل كابوسا منذ سنوات، منذ قرر الاحتلال الإسرائيلي تخفيض كميات المياه.
ويعيش سكان مدينة الخليل، التي تشتهر بزراعتها وتربتها الخصبة، حالة من الضغط النفسي المستمر.
وبسبب انخفاض المياه، اضطر العديد من السكان إلى تقليل محاصيلهم لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف الري.
وقال التلاهمة لصحيفة "فلسطين كرونيكل" إنه أصبح شرطيًا في منزله، حيث يراقب باستمرار استخدام أطفاله الستة للمياه.
لكن هذا ليس كافيا.
وفي الأسابيع الأخيرة، انقطعت المياه عدة مرات في الشهر، مما يجعل الحياة شبه مستحيلة.
"نحن نقلل من كل شيء، بما في ذلك الاستحمام وتنظيف المنزل. وقال التلاهمة: "تضطر زوجتي إلى استخدام الماء لغسل الأطباق وتنظيف الأرضية أيضًا".
وأضاف: “نعيش كما لو كنا في العصور الوسطى، في منازل بلا ماء”. “كل بضعة أيام، نضطر إلى شراء المياه بمبالغ فلكية، هذا إن وجدناها أصلاً”.
ويبلغ سعر خزان المياه أكثر من 400 شيكل (108 دولارات)، لكن التلاهمة يضطر إلى شرائه بانتظام لتلبية احتياجات أسرته.
وقال إن هذا يشكل عبئا ماليا كبيرا في ظل الظروف الاقتصادية القاسية.
ومما يزيد الطين بلة أن الفلسطينيين في منطقة الخليل يدركون أن المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية يمكن أن تتمتع بكميات كبيرة من موارد المياه.
علاوة على ذلك، يسيطر المستوطنون اليهود غير الشرعيين على ينابيع المياه في جميع أنحاء جبال المدينة، ويمنعون أصحابها الفلسطينيين من الوصول إليها.
وأكد التلاهمة: “من المؤلم أن أرى أطفالي يشعرون بالعطش، بينما أطفال المستوطنين يسبحون ويلهون في برك حول عيون المياه التي بناها أجدادنا”. وأضاف: "يتم نشر جنود مسلحين حولهم لضمان عدم الاقتراب منهم".
المعايير المزدوجة
ولذلك، فإن الإعلان الأخير عن تقليص كميات المياه للفلسطينيين بشكل أكبر زاد الأمور تعقيدا.
وناشدت بلدية الخليل المجتمع الدولي التدخل لحل أزمة المياه، خاصة وأن عدد السكان في تزايد مستمر.
ويقدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عدد سكان مدينتي الخليل وبيت لحم بنحو أكثر من 1.1 مليون نسمة، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يعتمدون بشكل رئيسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية والسطحية. ويمثل هذا 75.7 بالمائة من إجمالي المياه المتاحة.
وبحسب الديوان، فإن “إجراءات الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية، وخاصة المياه، وأجبرتهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية ميكوروت”.
وبلغت كمية المياه المشتراة من الشركة الإسرائيلية للاستخدام المنزلي 98.8 مليون متر مكعب عام 2022، أي ما يشكل 22% من كمية المياه المتوفرة.
وبحسب الإحصائيات فإن متوسط الاستهلاك الفلسطيني اليومي هو 85.7 لتراً. وفي المقابل، فإن الاستهلاك الإسرائيلي أكبر بثلاث مرات، بنحو 300 لتر يوميا.
وفي حالة المستوطنين غير الشرعيين، فإن الأرقام أكثر إثارة للصدمة؛ فهم يستهلكون أكثر من سبعة أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني.
التهجير القسري في الضفة الغربية
وقال حسن بارجية، خبير شؤون الاستيطان المقيم في بيت لحم، لصحيفة فلسطين كرونيكل، إن المدينة مبنية على بركة من المياه الجوفية تكفي جميع سكانها بل وتتجاوز احتياجاتها.
وبالتوازي مع ذلك، هناك حرب إسرائيلية معلنة على كل فلسطيني يحاول حفر الآبار لتخزين المياه بحجة أنها غير مرخصة.
وقال: "لو لم يكن الاحتلال الإسرائيلي موجودا، لكنا قمنا بتوزيع المياه على جميع الفلسطينيين، لكننا عطشا ونضطر إلى شراء المياه من الإسرائيليين الذين يسرقونها منا".
وقال باريجية: “إنهم يأتون دائماً إلى برك سليمان القديمة وعين الحنية ووادي فوكين، يسبحون فيها ويسرقون مياهها بحجة أنها مقدسة، فيما يُمنعون من الوصول إليها والاستفادة منها”.
مترجم عن صحيفة فلسطين كرونيكل